الوهابية ودعوة الأنبياء والأولياء
أورد بتصرف قول ابن تيمية : " إن الذين يدعون الأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وغير قبورهم من المشركين الذين يدعون غير الله كالذين يدعون الكواكب والذين اتخذوا الملائكة والنبيين أربابا قال تعالى ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ … ) وأورد آيات أخرى مر ذكر بعضها إلى أن قال :
" والسؤال ما الفرق بين صنيعهم وصنيع المشركين ؟ ومثل هذا كثير في القرآن ينهى أن يدعى غير الله ولو كان من الملائكة أو الأنبياء أو غيرهم فإن هذا شرك بخلاف ما يطلب أحدهم في حياته من الدعاء والشفاعة " .
ذكر كل ذلك ردا على القول بأن المسلمين متفقون سنة وشيعة على جواز دعوة الأولياء والأئمة ليكونوا وسيلتهم إلى الله عدا الوهابية الذين خالفوا الإجماع .
أولا : الكاتب صرح بأنه نقل كلام ابن تيمية بتصرف ولكنه بتحريف في الواقع فعبارة ابن تيمية كما في ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ) وذكرت في ( مجموعة الفتاوى ) : " ومثل هذا كثير في القرآن ينهى أن يدعى غير الله لا من الملائكة ولاالأنبياء ولا غيرهم فإن هذا شرك أو ذريعة إلى الشرك بخلاف ما يطلب من أحدهم في حياته من الدعاء والشفاعة فإنه لا يفضي إلى ذلك " (1) .
والتحريف الذي قام به أنه حذف عبارة " أو ذريعة إلى الشرك " التي تبين أن ابن تيمية غير جازم في حكمه بأنه شرك ، والذي يدل على تعمد الحذف أن الكاتب في الطبعة الأولى لم يجر هذا التغيير في كلام ابن تيمية ، هذا فضلا عن إضافته آيتين لم يستشهد بهما ابن تيمية في هذا المقطع ، وهما قوله تعالى ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) (2) ، وقوله تعالى ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ ) (3) .
ومنه يتضح أن الجزم بكفر الذي يدعو النبي (ص) بعد موته وأنه مشرك بدعوته الميت هو مذهب الوهابية ، وإن كان الحق أن الجذور الفكرية لمذهب محمد بن عبد الوهاب لم تكن إلا أفكار ابن تيمية وكلماته ، لذا من يقول بأن غير الوهابية قالوا بذلك يجب أن يبحث في غير كلمات ابن تيمية .
نعم الكاتب حاول ذلك فأورد قول الزبيدي والقدوري في الطبعة الأولى من كتابه كدليل على عدم اختصاص ذلك القول بالوهابية وابن تيمية .
واكتشف خطأه فحذف ذلك من الطبعة الثانية ، فمن الواضح أنه لا دلالة في قول الزبيدي " كره أبو حنيفة " على أن المتوسل بالأولياء مشرك ، بل بحث ابن تيمية ونقله لرأي أبو حنيفة لا يتعلق بالشرك بل الحديث عن التوسل البدعي إذ قال في ( قاعدة جليلة ) :